صدام حسين والعولمة

صدام حسين والعولمة

  • صدام حسين والعولمة

اخرى قبل 5 سنة

صدام حسين والعولمة

 د.سالم حسين سرية

واهم من يظن ان التخطيط لإسقاط الحكم الوطني في العراق قد بدأ عام 1990 من قبل بوش الأب .فقد بدا التخطيط لذلك منذ تأميم النفط في 1 حزيران1972. حيث كانت الخزينه العراقية خاوية لدرجة انه استدان من الامارات 350 مليون دينار قبل التاميم وبعد التاميم وصل دخله السنوي الى 80000 مليون دولار (80 مليار دولار ) مما زاد من قلق الدوائر الامبرياليه والصهيونيه حيث ان المليارات التي جاء بها النفط لم تذهب الى جيوب فاسدين ولم توظف في القطاع العقاري لبناء الابراج ولم توظف في قطاع الانتاج الإستهلاكي وانما صرفت على البنيه التحتيه للاقتصاد العراقي فازدهرت الزراعه والصناعه وتم محو الاميه وتم التوسع في بناء الجامعات والمستشفيات وتم محاربة الفساد والرشوة بكل اشكالها وتم القضاء على البطاله وزادت رفاهية المواطن العراقي واصبح لدى العراق عقول علمية متطورة بالآلاف في كافة مجالات الحياة البحثيه والاقتصاديه والسياسيه .كما تم دعم كل حركات التحرر بكل احتياجاتها كما عمق افاق الاخوة العربيه حيث فتح ابوابه لكل العرب للاقامة والعمل والدراسه المجانيه لابناء العروبه بلا استثناء ووقف بكل امكانياته العسكريه لدعم السودان بوجه الحركة الانفصاليه لجرينغ في الجنوب وشارك في حرب تشرين في73 وحمى دمشق من السقوط ودعم ثوار فلسطين ماليا وعسكريا وجعل من بغداد قاعدة لكل حركات التحرر العربيه وحتى عام 1980 اصبحت بغداد سويسرا الشرق .فالنهضه شملت كل نواحي الحياة في العلم والادب والفنون بكافة اشكالها. كما تعمق الوعي القومي في ذهن المواطن العراقي واذاب كل النزعات الطائفيه والمذهبيه واصبح الولاء للوطن وللامه هو معيار التقييم لاي فرد او مسؤول في الدوله اما عن علاقة المواطنين بالدوله فقد كان لكل وزاره يوما في الاسبوع لسماع ومعالجة مشاكل المواطنين وفتحت ابواب القصر الجمهوري لتلقي الشكاوى عن اي مسؤول وفي بعض الاحيان كان الرئيس صدام حسين –رحمه الله - يسمع بنفسه شكاوى المواطنين ويرد عليها اضافة لوجود صندوق بريد خاص بالسيد الرئيس يستطيع المواطن ان يضع فيه رسائله اليه ويتم متابعتها منه شخصيا لغرض حلها .هذا غيض من فيض مما يمكن ذكره حول نهوض العراق الذي استمر حتى عام 1980.وقد صرح كيسنجر علانية انه يجب اسقاط هذه التجربه الوطنيه عاجلا ام اجلا كي لا تصيب الاخرين بالعدوى .ورغم كل المؤامرات السابقه لم تنجح للنيل منها .على سبيل المثال قام الكيان الصهيوني وشاه ايران بدعم الجيب الكردي بالمال والسلاح(انظر مذكرات رافائيل ايتان بهذا الصدد )حيث قام الملا البرزاني بحرب عصابات استمرت منذ ثورة تموز في 68 حتى بيان 11 اذار 1970وكلفت العراق 30 الف شهيد لوأد الثورة وهي غضه .ونظرا لفشل شاه ايران في اسقاط هذه التجربه الوطنيه التحرريه تم المجئ بشاه معمم رفع راية الاسلام ليقوم بهذا الدور بحرب ضروس استمرت لاكثر من 8 سنوات دفع فيها العراق عشرات الالاف من الشهداء من ابنائه للدفاع عن البوابة الشرقية للوطن العربي وليحمي ارض الخليج من التوسع الايراني الآثم الذي امتدت مخالبه لأربعة عواصم عربية ومرغ الجيش العراقي الباسل انف خميني بهزيمة نكراء في 8-8-1988 .اذن خلاصة القول انه لم ينجح عملاء الامبريالية والصهيونيه باسقاط هذه التجربه لا الشاه القديم ومعه العملاء الاكراد ولا الشاه المعمم الجديد .كما فشلت كل محاولات اغتيال الشهيد صدام حسين التي خططتها ومولتها المخابرات الامريكيه والموساد الصهيوني وعملائهم من الاسلام السياسي بشقيه السني والشيعي (بعضه موثق في كتاب –محاولات اغتيال صدام حسين-للمرحوم برزان التكريتي ) كما فشلت كل مؤامراتهم الداخليه بكل الوانها .امام كل ذلك كان لابد من ايجاد صيغه للتدخل الامريكي المباشر نعم المباشر بعدما ضاقت امريكا ذرعا بعملائها وبعدما ازدادت اوجاع الكيان الصهيوني وصراخه من صواريخ صدام المؤثره على المنشآت العسكريه والنوويه والاقتصاديه الاسرائيليه وبعد ان قام بدفع 25 الف دولار لعائلة كل استشهادي فلسطيني يدمر الاحتلال بيته ليبنيه من جديد .هنا بدأت العولمه الاقتصاديه تكشر عن انيابها اي تم استغلال مجلس الامن-احد ادوات العولمه - لإصدار القرار تلو القرار لحصار العراق اقتصاديا واجبرت امريكا كل دول العالم على خنقه كمقدمة لإسقاط تجربته من خلال الترغيب والترهيب للدول كافه بما فيها روسيا والصين ومع ذلك صمد العراق وصمد صدام حسين (رحمه الله ) طيلة 13 عاما معتمدا على امكانياته الذاتيه والتفاف الشعب حول قيادته .وهكذا جاءت الطلقه الاخيرة في جعبة بوش الابن والصهيونيه العالميه من خلال العولمة العسكريه بعد ان فشلت العولمة الاقتصاديه في هزيمة العراق .وتمثلت العولمة العسكريه بمشاركة ثلاثين دولة بالاسلحه والرجال مع امريكا لاحتلال العراق تسانده ايران وعمائمها واتباعهم داخل العراق واذنابهم من الانظمة العربية العميله الذين مدوا القوات الامريكيه بالوسائل اللوجستيه وفتحت قناة السويس امام حاملات الطائرات وفتحت حدود هذه الدول لغزو العراق بعد ان انهكت قواه الاقتصاديه خلال الحصار واضعفت امكانياته التسليحيه بحكم الحصار الجائر .ان العولمة الاقتصاديه الهادفه الى تركيع الشعوب من خلال الصندوق الدولي والبنك الدولي لم تكن تجدي لاسقاط التجربه الوطنيه لان العراق لم يكن مثقل بالمديونيه مثل باقي الدول .كما ان العراق بقيادة الرئيس الشهيد صدام حسين –رحمه الله - كان النواة التي يمكن ان يبنى المشروع العربي القومي الوحدوي حولها وهذا يتصادم مع العولمة السياسيه التي مزقت الاتحاد السوفياتي ويوغوسلافيا وتشيكوسلوفاكيا وغيرها .من هنا كانت شراسة الهجمه والتوحش في تدمير العراق ونهب اثاره وحرق مكتباته لإعطاء الدروس للانظمة العربية وقياداتها بأن هناك خطوط حمراء لا يجوز تجاوزها والا فان مصيرها سيكون كمصير العراق ومصير صدام حسين نفسه .وهذه الخطوط الحمراء تتمثل بما يلي :1- عدم مس الكيان الصهيوني بأي سؤ والتعايش معه واعتباره كيانا طبيعيا في المنطقه العربيه.2- محاربة النهج القومي من جذوره واجتثاثه قولا وفعلا فالدعوة الى الوحدة العربيه وباي شكل اقتصادي او سياسي او غيره هي من المحرمات المطلقه التي لا يجوز الاقتراب منها لان امريكا تدرك قبل غيرها ان العمل الوحدوي هو طريق الخلاص الوحيد من فخ العولمه .3-وأد اي محاولة للنهوض العلمي والحضاري لذا كان امام العلماء العراقيين والكفاءات الاخرى بعد الغزو خيارين اما التعاون مع امريكا واما الاغتيال. لقد كان بإمكان امريكا قتل الرئيس العراقي بعد ان تم القاء القبض عليه بتعاون الخونه ولكنها رتبت مسرحية المحاكمة له ولقادة البعث الاخرين لتحاكم مبادئ البعث . لم يكن قرار وتنفيذ حكم الاعدام بحق الشهيد صدام شخصيا فحسب بل كان قرار الاعدام للمبادئ التي جسدها قولا وفعلا على ارض الواقع اي اعدام النهح القومي التحرري في الوحدة والحرية والإشتراكيه واعدام النهج الرافض للتسويات المذله للقضيه الفلسطينيه والتوجه لتحريرفلسطين من النهر الى البحر. ان النجوم الثلاثه التي كانت تزين العلم العراقي قد كانت تمثل الوحدة والحريه والاشتراكيه لذا كان قرار العميل نوري المالكي ازالتها منه مستندا الى قرار لمجلس قيادة الثورة بهذا الخصوص . لقد اصبح الشهيد صدام حسين –رحمه الله - يمثل رمزا تحرريا صلبا وخالدا ليس على الصعيد العربي فحسب وانما على الصعيد العالمي واصبح مصدر الهام لكل المناضلين الطامحين للتحرر. واخيرا لا بد من القول انه اذا نظرنا الى وضع العراق منذ 2003 وحتى الان نجد :1- تم مسخ العروبه في ذهنية المواطن العراقي ومسحها من مناهجه الدراسي وتم الغاء كل قرار حكومي سابق ذو نكهة قوميه (تم ايقاف المنح عن الطلبة العرب الدارسين بالجامعات العراقية وطلب منهم دفع اقساط الدراسة حتى يواصلوا تعليمهم كما تم ايقاف الحصة التموينية عن الفلسطينيين المقيمين في العراق وهناك توجه لاقتلاع كل الموظفين العرب في الدوائر الحكومية ) وتم اشاعة اللغه الفارسيه والثقافه الفارسية (من خلال ارسال الطلبة الى ايران ) فتم تحطيم كل النصب التي تمثل المجد العربي والحضارة العربيه واستبدالها بنصب خميني . كما اشاعت ايران بكل ما تمتلكه من امكانيات ماليه وعلميه واعلاميه النزعات المذهبية والطائفيه وعاقبت اي تقارب سني شيعي بين العشائر العراقيه .2- نهبت مليارات النفط وتسربت الى جيوب اللصوص وخزينة ايران حيث ان ايران لم تعد تسيطر فقط على التركيبه السياسيه الوزاريه والرئاسيه حسب دستور بريمر بل وضعت يدها مباشرة على مدخرات البنك المركزي العراقي .3- عادت شركات النفط الامريكيه والانجليزيه للسيطرة عليه .4- عادت الاميه تتفشى في صفوف الشعب العراقي حتى وصلت الى 50% من عدد السكان .5 - وقفت عجلة التنميه وتم تخريب المنجزات الاقتصاديه السابقه فالمفاعل النووي تم نسفه من الاساس واصبح خرده .6- نسفت الثورة الزراعيه من جذورها وتصحرت الاراضي ليبقى العراق سوقا معتمدا على المنوجات الزراعية الايرانية واصبح الاقتصاد العراقي اقتصادا استهلاكيا وسوقا مفتوح للمنتوجات الايرانيه والاجنبيه .بكلمة واحدة تم تدمير الانسان العراقي .وهذا ما ترنوا اليه العولمه الغاشمة. رحم الله الشهيد الخالد صدام حسين في ذكرى استشهاده وسيلد من رحم هذه الامه صدام جديد عاجلا ام اجلا .كما ان مبادئ البعث العظيم لا يمكن اعدامها لانها خلقت لمئات السنين وتزداد عمقا ورسوخا واشعاعا كلما زاد اوار المطاوله مع اعداء الامة .

التعليقات على خبر: صدام حسين والعولمة

حمل التطبيق الأن